Friday, November 13, 2009

لوحات عالميـة – 221

نهــر الضــوء
للفنان الأمريكي فريدريـك إدوين تشيـرش، 1877

اهتم الرسّامون منذ القدم برسم الطبيعة وتصوير عناصرها المختلفة. وكان هذا النوع من الرسم، وما يزال، يحظى بالشعبية والقبول من الناس.
ومع ذلك كان هناك دائما من يعتقد أن رسم الطبيعة يعتبر اقلّ قيمة من الناحية المهارية والإبداعية من رسم البورتريه أو الأشخاص مثلا. مع أن رسم المناظر الطبيعية يتطلّب من الفنان أن يكون عارفا وملمّا باستخدام الألوان وقواعد المنظور ونسَب الضوء والظلّ.
وحتى منتصف القرن السادس عشر لم تكن هناك لوحات تصوّر طبيعة نقيّة بالكامل. كانت الطبيعة توظّف فقط كخلفية لمنظر يصوّر نشاطا إنسانيا ويتضمّن عادة رموزا أو رسائل دينية أو اجتماعية أو تاريخية.
في ما بعد تغيّرت الحال، وظهرت أعمال فنّية كثيرة مكرّسة بالكامل لتصوير جمال الطبيعة وإعطائها أبعادا ومضامين روحية وشعرية وفلسفية.
ومن أشهر من رسموا الطبيعة الفنّان فريدريك تشيرش الذي يُعدّ احد أشهر رسّامي الطبيعة الأمريكيين. كان تشيرش عضوا في مدرسة نهر هدسون التي كانت تُعنى برسم الطبيعة الأمريكية. كما كان احد مؤسّسي متحف المتروبوليتان في نيويورك في العام 1869م.
وقد تتلمذ على يد توماس كول الذي كان يرى ضرورة أن تتضمّن لوحات الطبيعة معاني رمزية وروحية.
كانت لوحات رسّامي مدرسة نهر هدسون عن الطبيعة تتسم بواقعيّتها الفائقة وبإيلائها اهتماما خاصّا بالأجزاء والتفاصيل الصغيرة.
وكان من عادة أولئك الرسّامين أن يسافروا إلى أماكن نائية ومجهولة كي يرسموا مظاهر الطبيعة فيها، وعلى الأخصّ أحوال المناخ وتشكيلات الغيوم ومشاهد غروب الشمس وشروقها.
كما كانوا يركّزون على الطبيعة كمكان يتعايش فيه الإنسان والنبات والحيوان جنبا إلى جنب بسلام.
هذه اللوحة تصوّر منظرا بانوراميا ينطق بسحر الطبيعة وجلالها في صبيحة يوم غائم في إحدى غابات المطر الاستوائية.
في المشهد نرى نهرا يشبه المرآة تحيط به من الجانبين غابة تغرق في الضباب.
ولأول وهلة قد يظنّ الناظر أن ما يراه هنا صورة فوتوغرافية بالنظر إلى شدّة واقعية اللوحة.
ويبدو واضحا أن الفنان اهتمّ بأدقّ وأصغر التفاصيل وهو يرسم. واللوحة تذكّر، على نحو خاص، بالطبيعة البكر وبالبهاء والفخامة التي تتميّز بها الحياة في المناطق الريفية وفي الغابات.
لوحات تشيرش مشبعة بالضوء وممتلئة بالتفاصيل الصغيرة. وتكثر فيها صور الشواطئ الضبابية وقمم الجبال العالية والغابات العذراء وشلالات المياه العظيمة.
كما تتميّز مناظره بكثافتها الشاعرية وبمعانيها الروحية العميقة. وقد وجد بعضها طريقه إلى الروايات والأدب الأمريكي الذي يتناول مكانة الطبيعة في التجربة الأمريكية.
وقد تأثر في لوحاته بأفكار المنظّر الانجليزي جون راسكين والمستكشف وعالم الطبيعة الألماني الكسندر همبولدت وبكتابات المفكر الأمريكي رالف ايمرسون.
ممّا يلفت الانتباه انه ليس هناك في هذا المنظر سوى الطبيعة وحدها. إذ لا وجود للبشر، باستثناء رجل تلوح صورته من بعيد وهو يجذّف بقاربه الصغير عند مدخل الغابة.
وبوسع المرء وهو يتأمّل هذا المنظر أن يتخيّل صمت وهدوء المكان الذي لا يقطعه، ربّما، سوى صوت انسياب الماء بنعومة وأصوات الطيور والعصافير التي يظهر بعضها على أغصان الشجر وفوق صفحة مياه النهر.
استوحى تشيرش أجواء مناظره من تجاربه الشخصية ومن أسفاره إلى أمريكا اللاتينية التي ذهب إليها ليرسم أنهارها وجبالها وغاباتها. وقد حقّقت بعض لوحاته أعلى المبيعات ليصبح أغلى رسّام أمريكي في زمانه. وكانت أعماله تجتذب الآلاف من الناس الذين كانوا يأتون من شتّى الأماكن لرؤيتها.
كما أكسبته لوحاته عن طبيعة أمريكا الجنوبية شهرة مدويّة واعتبره النقاد آنذاك أعظم رسّام طبيعة أمريكي بعد أستاذه كول.
وقد تمكّن في لوحاته اللاتينية من الإمساك بجوهر مناظر الغابات الاستوائية الممطرة كما تجسّده هذه اللوحة ولوحتاه الأخريان المشهورتان قلب الأنديز وغسَق في البرّية.
اللوحات التي رسمها تشيرش وزملاؤه للطبيعة الأمريكية البدائية لعبت دورا مهمّا في تاريخ الرسم الأمريكي وفي المخيّلة والوعي الثقافي للأمريكيين. كما شجّعت على استيطان مناطق الغرب وزرعت في الناس الإحساس بحبّ الطبيعة والاستمتاع بها وحمايتها.
غير أن ازدياد مظاهر الحياة الصناعية في القرن التاسع عشر كان له تأثير معاكس. إذ أدّى زحف التكنولوجيا إلى إتلاف الكثير من مظاهر البيئة الطبيعية، ما دعا الكثيرين وقتها إلى تأسيس حركات تدعو إلى تقليل الأضرار الناتجة عن زحف النمو الصناعي من خلال العمل على إعادة التوازن ما بين الإنسان والطبيعة.

Wednesday, November 11, 2009

لوحات عالميـة – 220

المِــزلاج
للفنان الفرنسي جان اونوريه فراغونار، 1778

الفنّ الجميل يثير الجدل ويطرح الكثير من الأسئلة ولا يكتفي بإجابات بسيطة أو جاهزة.
وعلى نحو ما، يمكن اعتبار هذه اللوحة تطبيقا للفكرة القائلة إن الفنّ الجيّد يخلق دائما واقعه الخاص.
تنظر إلى هذه اللوحة وتتأمّلها مرارا لتكتشف أن الرسّام يدعوك للدخول في لعبة بصرية مراوغة لا تعرف أين تبدأ ولا كيف تنتهي.
"المزلاج" تعتبر إحدى أشهر اللوحات التي ظهرت في القرن الثامن عشر وهي موجودة اليوم ضمن الجناح الخاص باللوحات الفرنسية في متحف اللوفر.
وقد رسمها فنّان قيل انه، لبراعته، كان يرسم البورتريه في اقلّ من ساعتين. وقد ارتبط اسم فراغونار بالطبقة الملكية والارستقراطية وبالعديد من الرجال والنساء من ذوي الجاه والغنى في عصره.
هذه اللوحة رُسمت بتكليف من احد النبلاء. لكن لم يكن مقدّرا للزبون أن يرى اللوحة في حياته، إذ توفي قبل أن تُنجز.
وفي ما بعد، ظهرت اللوحة على أغلفة بعض الروايات العاطفية كان آخرها رواية فرنسية مشهورة تُرجمت إلى لغات عديدة بعنوان "علاقات خطرة".
المكان الذي تصوّره اللوحة غرفة نوم. وقد قسّم الفنان الغرفة قُطريا إلى جزأين. الجزء الأيمن، أي حيث يقف الرجل والمرأة، وهو مضاء بالكامل. والجزء الأيسر، حيث السرير وملحقاته، يقع في الظلمة.
في الجزء الأيمن نرى رجلا يحتضن امرأة بينما يحاول غلق مزلاج باب الغرفة. المرأة تبدو منهكة ويائسة وهي ترفع نفسها بتثاقل من على السرير.
في الجزء الأيسر من الغرفة تبدو محتويات السرير من وسائد وستائر وفرش وهي على حال من الفوضى وانعدام النظام.
المشهد مليء بالإشارات والاستعارات والرموز التي تفتح على أكثر من احتمال وتدفع بالمتلقي لأن يكوّن تصوّره الخاص حول طبيعة ما يراه أمامه.
لكن يمكن القول إن هناك احتمالين رئيسيين قد يفسّران ما يحدث في اللوحة.
الاحتمال الأول أن اللوحة تحكي عن حادثة اغتصاب أو مقدّمة لعملية اغتصاب. من الواضح أن الشاب يحاول أن يقفل الباب. لكن المرأة تقاومه وتحاول منعه من ذلك. هو يعرف أن نجاحه في إغلاق القفل سيسهّل له مهمّة ارتكاب جريمته. والقفل في هذه الحالة هو رمز لمقاومة المرأة وتمنّعها.
الشابّ يبدو مضطربا والمرأة في حالة قريبة من الانهيار. انفعالاتها وحركاتها تعطي انطباعا بأنها غير راغبة في الإذعان لنوايا الشاب، لذا تدفعه عنها بعيدا.
وضعية وقوف الشابّ تشير إلى أن انتصاره في المعركة يبدو وشيكا وأن استسلام الضحية أمر حتمي. والجدار نفسه يقوم بمهمّة الحاجز الذي يمنع المرأة من الهرب.
الاحتمال الثاني هو أننا أمام صورة مجازية عن الرغبة. طبعا هذا على افتراض أن المرأة راضية ومستسلمة للشاب بإرادتها. وبناءً عليه، يمكن فهم محاولة إقفال الباب على أنها تهدف إلى تأمين حالة من السرّية والخصوصية التي يتطلّبها الموقف.
الرموز في الجزء الأيسر غريبة وموحية. طيّات القماش فوق السرير، النسيج الغامض للقماش، شكل الستائر المجسّمة والكثيفة التي تشبه مصيدة، الوسائد ذات الشكل الغريب، الزهور المرمية على الأرض.. إلى آخره.
هناك أيضا طغيان اللون الأحمر، لون العاطفة والغريزة. والتفّاحة الموضوعة على الطاولة والتي قد تكون رمزا لفاكهة آدم وحوّاء والمرتبطة دائما بالغواية والخطيئة. والسرير نفسه الذي يبدو مثل وحش يكشّر عن أنيابه. والزاوية اليسرى من السرير التي تشبه ركبة إنسان.
الاستخدام الدراماتيكي للضوء في اللوحة يلفت الانتباه. الجانب الأيمن يغمره الضوء الأصفر الفاقع.
الفرشاة في هذه البقعة مشتعلة، مهتزّة ومتوتّرة. والوهج الحارق للأصفر والحرارة المزعجة عنصران إضافيان يعمّقان الإحساس بذروة الصراع أو الالتحام بين الشخصين.
ومع ذلك يظلّ الجزء الأيسر، بما يختزنه من تلميحات ورموز وتهويمات ايروتيكية، هو المهمّ في هذا المشهد لأنه يحكي كلّ شيء وفيه تكمن الرغبات المخبوءة للاثنين.
اللوحة تثير انفعالات متباينة ومعاني متضاربة وتطرح تساؤلات بأكثر ممّا تقدّم إجابات.
هل ما نراه هنا قوس للرغبة أم مسرح لجريمة على وشك أن تتم؟
هل هذه جريمة اغتصاب؟ شروع في القتل؟
هل تنطوي اللوحة على معان شريرة ومظلمة؟ أم أنها مجرّد تصوير لقوّة الحبّ والرغبة؟
هل هذه غرفة الرجل أم المرأة؟
هل يمكن أن يكون الرجل قد احضر الزهور فرفضتها المرأة وصدّته، ما تسبّب في إغضابه وإخراجه عن طوره؟
ثم لماذا إغلاق الباب إذا كانت الغرفة التي تدبّ فيها الفوضى توحي بأن ما حصل قد حصل وانتهى الأمر؟
من حيث الشكل تبدو اللوحة متألقة وجذّابة بألوانها المذابة والدافئة وبالإحساس الناعم الذي يبعثه ملمس الحرير والمخمل الرقيق والمترف.
لوحات فراغونار في معظمها لعوبة، حميمة، مرحة وسهلة الهضم. لذا ليس مستغربا أن يقال انه مات بينما كان يتسلّى بأكل الآيس كريم في احد مشاويره عبر حدائق الشانزيليزيه.
وقدّر له قبل ذلك أن ينجو من مقصلة الثورة الفرنسية، وإن كان دفع ثمن نجاته تلك بتهميشه وكفّ يده عن الرسم.
وقد كانت أعماله تجسيدا لفنّ عصر الروكوكو في فرنسا القرن الثامن عشر. وعُرف عنه براعته في رسم مشاهد الحبّ والمناظر الليلية التي تؤشّر إلى مهارته في تطويع الألوان والتلاعب بنسَب الضوء والظلّ لإضفاء طاقة تعبيرية إضافية على لوحاته.
ولا يكاد يخلو أيّ من أعمال الرسّام من مضامين فلسفية أو أدبية أو اجتماعية أو سياسية أو جمالية.

Monday, November 09, 2009

لوحات عالميـة - 219

العـاصفــة
للفنان الإيطالي جـورجيـونـي، 1505

هناك شبه إجماع بين مؤرّخي الفنّ على اعتبار هذه اللوحة الأكثر غموضا والأكثر إثارة للنقاش والجدل في جميع الأوقات.
وقد ألّف عنها العديد من الكتب والدراسات التي حاول بعضها فكّ رموزها الخفيّة. كما تباينت القراءات والتفسيرات الكثيرة التي تناولتها.
اللورد بايرون الذي عُرف عنه ازدراؤه للرسم، كانت هذه لوحته المفضّلة وقد خصّص إحدى قصائده للتغنّي بالجمال الفاتن للمرأة في اللوحة.
وبرغم غموض اللوحة واستعصائها على أيّ تفسير، فإنه يمكن القول إنها عبارة عن رحلة شاعرية في عالم الطبيعة المثالية واستذكار للمناظر الرعوية التي ارتبطت بروما وباليونان القديمة.
تفاصيل اللوحة تشبه الحلم. وأهميّتها الحقيقية تكمن في المزاج الذي تصوّره. ولعلّ هذا يفسّر افتتان الكثير من الشعراء والأدباء والفلاسفة بها.
"العاصفة" تصوّر طبيعة قديمة يجري في وسطها جدول ماء صغير. وعلى حافّة الجدول، إلى اليسار، يقف رجل يرتدي ملابس رسمية ويمسك بيده رمحا طويلا. بينما تجلس على الجهة المقابلة امرأة ترضع طفلا.
الرجل يبدو بهيئة تشبه هيئة الجنود. وقفته بطولية وواثقة، بينما ينظر باتجاه المرأة وطفلها.
المرأة تبدو عارية جزئيا. ملامحها هادئة ونظراتها وقورة. وعلى العكس من الرجل الذي تحجب الظلمة جانبا من وجهه، فإن وجه المرأة واضح المعالم بسبب تأثير الضوء في ذلك الجزء من اللوحة. غير أنها لا تنظر إلى الرجل وإنما إلى المتلقي أو الناظر. وأسفل منها، على طرف الجدول، تظهر أغصان شجرة صغيرة يبدو أن وظيفتها حجب جزء من جسد المرأة.
وفوق، في السماء، تلوح غيوم ثقيلة سوداء ينبثق من خلالها وميض برق، ما يعطي انطباعا بأن الطقس مضطرب وعاصف.
منظر السماء يوحي بالعاصفة المقتربة التي قد تكون نذير شؤم. لكن من الواضح أن الرجل والمرأة لا يعلمان شيئا عن العاصفة الوشيكة أو أنهما لا يباليان بها برغم التوتّر الذي توحي به خيوط البرق التي تلتمع في السماء فوقهما.
الطبيعة في اللوحة تذكّرنا بمناظر دافنشي. الألوان غنيّة ودافئة تعمّق الإحساس بشاعرية وحميمية المنظر.
كثرة الرموز في هذه اللوحة تفتح الباب أمام تفسيرات شتّى.
أحدها يقول إنها تتحدّث عن الثنائيات، الرجل والمرأة، المدينة والقرية، والأرض والسماء. إلى آخره.
البرق، برأي بعض النقاد، هو إشارة إلى قوّة الخالق. والرجل والمرأة هما نسخة عصرية من آدم وحوّاء بعد طردهما من الجنّة. والرضيع قد يكون طفلهما الأوّل قابيل.
وثمّة رأي يقول إن اللوحة يمكن أن تكون معادلا شعريا للعلاقة بين الإنسان والطبيعة. بينما يشير رأي آخر إلى أنها تتضمّن استعارات عن العناصر الأربعة والتناغم والخطيئة والخلاص والتزاوج بين السماء والأرض.
وهناك من قرأ هذا العمل استنادا إلى سياقات أسطورية ودينية متعدّدة.
غير أن احد أكثر التفسيرات إثارة للاهتمام ما نُسب إلى مؤرّخ ايطالي عندما قال إن موضوع اللوحة هو الطبيعة. والمرأة والرجل والطفل هم مجرّد عناصر. لكنهم ليسوا العناصر الأكثر أهمية في الطبيعة".
ورغم غموض اللوحة فإن كلّ شيء فيها واقعي وطبيعي. ويمكن القول إنها نموذجية في كلّ شيء. وهي في أبعادها وتوليفها ونسَبِها قريبة جدّا من الكمال.
وفي بعض الأوقات راجت نظرية تربط بين موضوع اللوحة وأشعار فرجيل. فقد كانت قصائد هذا الشاعر تُقرأ على نطاق واسع في فينيسيا زمن جورجيوني. وتتحدّث إحدى تلك القصائد عن شاعر راعٍ رأى في المنام امرأة عذراء تحمل بطفل. وقد رأى البعض في تلك القصيدة نبوءة وثنية عن مجيء المسيح.
ويقال إن "العاصفة" هي أوّل لوحة عن الطبيعة في تاريخ الرسم الغربي. كما أن اللوحة هي الوحيدة التي يجمع المؤرّخون على أن جورجيوني رسمها بالكامل.
وقد رسمها بناءً على تكليف من احد كبار مثقفي فينيسيا في حينه. ويظهر أن الفنان رسمها بهذه الطريقة كي يختبر ذكاء زبونه وقدرته على حلّ الإلغاز والغموض اللذين أودعهما فيها.
في ما بعد، أتى رسّامون كثر مشوا على خطى جورجيوني واستفادوا من شغفه بالإبهام والغموض ووظفوا ذلك في أعمالهم. ومن أشهر هؤلاء الفرنسي نيكولا بوسان.
جورجيوني صُنّف دائما على انه أكثر الرسّامين غموضا في تاريخ الفنّ. إذ لا يُعرف عنه الشيء الكثير باستثناء انه مات في سنّ مبكّرة وعمره لا يتجاوز الرابعة والثلاثين.
وكان احد روّاد رسم المناظر الطبيعية المستوحاة من الماضي والتي تصوّر الرعاة والقطعان وهي تسرح في الحقول.
ويغلب على لوحاته الطابع الرومانسي. وقد تكرّس هذا الطابع في شخصيّته هو عندما أحبّ امرأة كانت مصابة بالطاعون. ومع ذلك اختار أن يظلّ إلى جانبها وأن يموتا معا في النهاية.
"العاصفة" قد تعني أيّ شيء: نبوءة، حلم يقظة، فانتازيا أو رؤيا داخلية.
وقد لا تعني شيئا على الإطلاق.
لكنها تظلّ "قصيدة" جورجيوني الأشهر برغم غموضها الممتع والمحيّر.

موضوع ذو صلة: عاصفة جورجيوني.. قراءة مختلفة