Saturday, September 17, 2005

لوحـات عالميـة – 50


بورتريه الليدي اغنـيــو
للفنان الأمريكي جون سنغر سارجنت، 1893

في أواخر عام 1892 بدأ الفنان جون سارجنت العمل على بورتريه الليدي اغنيو "غيرترود فيرنون" وهي زوجة صديقه الاسكتلندي، وعندما أتمّ رسم البورتريه استقبله نقاد الفن بتقدير واحتفاء كبيرين وعدّوه تحفة فنية تمثل انتصارا للتكنيك المتميز الذي طالما انفرد به جون سارجنت في رسمه للبورتريه.
عندما نتمعّن في لوحة الليدي اغنيو عن قرب، فان أول ما نلاحظه هو أن المرأة سيّدة جميلة وتتمتع بوجه متناسق يقترب من الكمال، كما أن الوجه يعطي انطباعا عن إحساس صاحبته بالارتياح والدعة. وهذه السمة تعرف بالسيميترية التي يرى بعض النقاد أنها المعيار الموضوعي الذي يمكن من خلاله الحكم على شئ ما بأنه جميل من عدمه.
ومع ذلك فهناك بعض النقاد ممن تحدثوا مطولا عن سمات بورتريهات هذا الفنان، واهمها وجود عنصر توتّر نسبي في ملامح النساء اللاتي يرسمهن. ولوحة الليدي اغنيو ليست استثناء. إذ على الرغم من أن السيدة تجلس بوضعية مريحة وتبدو متآلفة مع الأشياء من حولها وتملك حضورا طاغيا، فان هناك قدرا من الطاقة العصبية تتجلى في طريقة الجلوس وشكل الفم وامساك اليد بالكرسي وانحناءة الرأس الخفيفة إلى اسفل.
وكما هو الحال مع الكثير من رسامي البورتريه فان جون سارجنت كان يتلقى بعض الملاحظات من زبائنه الذين يعبّرون فيها أحيانا عن عدم رضاهم على بعض تفاصيل الصور التي ينجزها لهم.
لكن سارجنت كان رجلا ذا قناعات فنية عميقة، ولم يكن من السهل أن يتنازل عن رأيه من اجل إرضاء هذا الزبون أو ذاك.
كان جون سارجنت يحب النساء اللاتي يتمتّعن بقوّة الشخصية والذكاء والجمال، ومن الواضح انه كان يستمتع كثيرا بحضورهن أثناء ساعات الرسم. ورغم تمتّعه هو الآخر بشخصية ساحرة ومرحة فقد كان إنسانا شهما يغلب على طبعه الخجل والحياء. وكان بالإضافة إلى براعته في الرسم عازفا ماهرا على البيانو، ويبدو انه كان يستمد من الموسيقى النشاط والخيال اللذين كانا يعينانه على الرسم، وبعض لوحاته لا تخلو من عناصر موسيقية فيها.
لوحة الليدي اغنيو هي بلا شك أحد افضل أعمال الفنان جون سارجنت، إذ تبدو الليدي سيدة حديثة جدا. والأمر المؤكد هو أن هذه اللوحة البديعة كانت نتاجا للتفاعل المتسامي بين امرأة جميلة ورجل ذي شخصية آسرة وقادرة على قراءة الآخرين بعمق.

Friday, September 16, 2005

لوحـات عالميـة – 49


عـذراء كنيسـة سيسـتـين
للفنان الإيطالي رافـائيــل، 1514

تعتبر لوحة "عذراء كنيسة سيستين" واحدة من اعظم الأعمال الفنية في العالم ومن أكثرها نقاشا واحتفاء.
وقد ظلت هذه اللوحة على الدوام رمزا مميزا للتطوّر الذي شهدته الفنون بعامة خلال عصر النهضة الإيطالي.
بل إن شعبيتها الكاسحة دفعت بعض النقاد إلى تشبيهها بلوحة الموناليزا لدافنشي.
وأحد عناصر اللوحة التي كانت مثارا للكثير من النقاش هو التعابير الغامضة التي رسمها رافائيل على وجه العذراء وطفلها وحاول النقاد ودارسو الفن فكّها ومعرفة كنهها.
وقد حاول الكثير من المؤرخين والفلاسفة عبر العصور تفسير المعاني والدلالات التي أراد الفنان تضمينها في هذه اللوحة، ومن بين هؤلاء غوته وشوبنهاور وشرودر.
شوبنهاور، مثلا، تحدّث عن ملامح الخوف التي ترتسم على وجه وعيني الصبي، بينما تساءل آخرون عن مغزى إظهار العذراء في حالة حيرة وارتباك.
في اللوحة تقف الشخصيات (العذراء وطفلها والقدّيس والقديسة والملاكان الصغيران إلى أسفل) على مقعد من الغيم تؤطّره ستارتان منفتحتان إلى أعلى.
وتبدو العذراء كما لو أنها هابطة من السماء فيما يتوجه القدّيس (إلى اليسار) بنظره إلى المسيح الصغير، بينما توجّه القديسة (إلى اليمين) نظراتها الحانية إلى الملاكين الصغيرين الظاهرين في اسفل الصورة.
ومما لا شك فيه أن أشهر جزء في هذه اللوحة الفريدة هو صورة الملاكين الصغيرين إلى الأسفل، إذ ُطبعت صورتهما على ملايين البوسترات والصور التذكارية.
لوحة "عذراء سيستين" كان مقدّرا لها على الأرجح أن تزيّن قبر البابا يوليوس الثاني، وقد ُعثر عليها في ما بعد في أحد الأديرة لتجد طريقها بعد ذلك إلى موسكو بعد الحرب العالمية الثانية، قبل أن تنقل إلى متحف مدينة درسدن الألمانية حيث ظلت هناك حتى اليوم.
ُيذكر أن هذه اللوحة أصبحت رمزا للأمومة المثالية. كما أن خطوطها المنحنية والعريضة نزولا وصعودا، وتوازن الكتل فيها وتوزيع الألوان الدقيق ما بين الذهبي والأخضر، والبني والأزرق، كل ذلك يعطي الناظر إليها شعورا بالسلام والطمأنينة.
تلقى رافائيل تعليمه على يد أبيه، الفنان هو الآخر، والذي لمس في ابنه الاهتمام والموهبة. وفي زمن قياسي اصبح فنانا موهوبا وتجلت عبقريته وهو ما يزال في سن السابعة عشرة.
انتقل الفنان بعد ذلك إلى فلورنسا حيث درس أعمال دافنشي ومايكل انجيلو وبارتولوميو.
لوحات رافائيل بشكل عام تجسّد فكرة الجمال المثالي وعظمة الإنسان، و "عذراء سيستين" تمثل ذروة عبقريته وتفرّده الفني، ولهذا اعتبر واحدا من اعظم الرسامين الذين جاد بهم عصر النهضة في إيطاليا.

موضوع ذو صلة: لوحة لها تاريخ

Wednesday, September 14, 2005

لوحـات عالميـة – 48


وســـام الفــارس
للفنان البريطاني ادموند بلير ليتون، 1901

تُعتبر هذه اللوحة أحد أشهر الأعمال الفنّية التي تتناول تقليدا يعود أصله إلى القرون الوسطى.
وفيها تظهر ملكة، انجليزية على الأرجح، ترتدي فستانا ابيض مزيّنا بالذهب وتقف عند أسفل عرشها لتمنح مرتبة الفروسية لأحد فرسانها العائد منتصرا من معركة.
الصورة ربّما تكون مثالية وعاطفية أكثر من اللازم. لكنها مدهشة من حيث أنها تنقل الناظر إلى العصور الخوالي أو أزمنة الفرسان والفروسية.
ومن الواضح أنها رُسمت أثناء الفترة الادواردية والفيكتورية. لكنها تتضمّن حنينا إلى ماض غابر، والناس عادة يحبّون مثل هذا النوع من الصور.
الفارس، الذي يرتدي سترة حمراء عليها علامة نسر اسود وهلال، يظهر في الصورة وهو ينحني على أريكة جلدية بعد أن نحّى خوذته الحديدية جانبا.
وعند الباب يقف حشد صغير من الناس يتابعون هذه المراسم، بينهم رجل عجوز وراهب وصبيّ يمسك بترسه.
طبقا لتاريخ الفروسية في أوربّا، كان الشباب يُمنحون مرتبة الفروسيّة في سنّ الحادية والعشرين. وكانت مناسبات منح رتبة الفارس تأخذ شكلا احتفاليا معيّنا.
فبعد حمام التطهير الذي يخضع له المرشّح لنيل لقب الفارس، يُطلب منه أن يقضي الليل في الصلاة أمام المذبح الذي يضع عليه عدّته الحربية.
وفي الصباح تقام بعض الطقوس الدينية من بينها خطبة للكاهن عن واجب الفارس في حماية الضعيف وتقويم الخطأ واحترام النساء.
وبحضور الفرسان والأعيان والسيّدات يقوم الفارس بارتداء حلّته القتالية قطعة قطعة، قبل أن يجثو على ركبتيه لتلقّي وسام الفروسية.
والوسام هنا ذو معنى مجازيّ، إذ أنه ليس أكثر من ضربة خفيفة بباطن السيف على الكتف يقوم بها رجل أو سيّدة. وبعد أن ُيخلع على المرشّح لقب الفارس يصبح له مطلق الحرّية في أن يذهب حيثما شاء، باحثا عن المغامرة وحاملا معه سيفه ورمحه وترسه.
اسم الرسّام ادموند بلير ليتون ليس معروفا كثيرا. لكن لوحاته كانت مشهورة في عصره. وهو كان متخصّصا في المناظر الملوكية ومواضيع القرون الوسطى. وقد لعب دورا مهمّا في توعية الناس بأهميّة مواضيع الرسم المرتبطة بالأزمنة القديمة.
ولوحاته إجمالا تتميّز بزخارفها الجميلة ومضامينها الرومانسية التي أكسبته بعض الشعبية، رغم أنها لا تتحدّث عن أشخاص أو مناسبات أو أحداث بعينها.
تلقّى ليتون تعليمه في مدرسة الفنون قبل أن يلتحق بمدارس الأكاديمية الملكية. وكان يعرض لوحاته سنويا في الأكاديمية من عام 1878 إلى 1920.
وعلى الرغم من أن اسمه ليس مألوفا كثيرا، إلا أن فنّه ما يزال يروق للكثيرين. قد يعود السبب إلى أن الناس عادةً ينجذبون إلى الصور التي تذكّرهم بالماضي لأنها تأخذهم إلى أزمنة وأمكنة أخرى مختلفة.
ورغم اختلاف الأزمنة، إلا أن مواضيع الحبّ والرومانسية تظلّ دائما قيما عامّة وصالحة دائما برغم تغيّر الأحوال والظروف.
كان ليتون يهتمّ كثيرا بالتفاصيل وبالدقّة التاريخية في أعماله. وكان اهتمامه يشمل تصوير الأزياء وملابس الحرير والدانتيل والتطريز والمخمل التي كان يرسمها بدقّة متناهية.
وقد اعتاد أن يحتفظ في مرسمه بقطع كثيرة من طرز الملابس والآلات الموسيقية والأسلحة التي تعود للقرن الثامن عشر والتي كان يرسمها في لوحاته.
وكان على وجه الخصوص مفتونا بتصوير تقاليد القرون الوسطى في أعماله. كما كان من عادته أن يحتفظ بكرّاس يدوّن فيه أفكاره ومشاهداته قبل أن يقوم بمعالجتها وترجمتها إلى أعمال فنّية.
ولا تخلو صوره من مشاهد لنساء أنيقات وفرسان بكامل هيئتهم في طبيعة مفتوحة أو في بيئة داخلية مرتّبة بعناية.
لا يُعرف عن بلير ليتون الكثير. فهو لم يترك وراءه أيّ مذكّرات أو أوراق تتحدّث عن حياته أو فنّه. لكن معروف انه ولد في لندن عام 1852 وتوفّي فيها عام 1922. ووالده كان رسام بورتريه.
وبعض النقاد ينظرون إلى أعماله على أنها رسومات شعبية، ربّما بسبب مضامينها الرومانتيكية الغالبة. لكن لوحته هذه معروفة ويسهل تمييزها باعتبار أنها من بين أكثر الأعمال الفنّية استنساخا وبيعا.

لوحـات عالميـة – 47


البارجــة تيميـريــر
للفنان البريطاني جوزيف تيرنر، 1838

يعتبر جوزيف تيرنر برأي الكثيرين اعظم رسّامي الطبيعة ومناظر البحر الرومانسية في بريطانيا خلال القرن التاسع عشر.
لكنه اقلّ الفنانين حظّا، نظرا لان النقاد انصرفوا عنه رغم موهبته وميله للتجديد واهتمّوا بغيره من الفنانين الأقلّ شأنا وموهبة.
ولا بدّ وأن ميله للعزلة بعد جنون والدته ومن ثم موتها هو أحد الأسباب التي أدّت إلى ابتعاد النقاد عنه.
وأحد اعظم أعماله الفنية هو لوحته الجميلة "البارجة تيميرير" التي يصوّر فيها السفينة الحربية التي لعبت دورا مشهودا في معركة الطرف الأغرّ وهي ُتسحب بعيدا عن البحر من قبل سفينة من النوع الجديد آنذاك الذي يعمل بالبخار.
هذه اللوحة وغيرها من أعمال تيرنر حاول فيها الفنان تسجيل بعض مظاهر تحوّل بريطانيا إلى الثورة الصناعية والتغيّرات التي رافقت ذلك وأثرت على وسائل المواصلات وغيرها من اوجه الحياة.
كان تيرنر يدرك أهمّية هذه اللوحة ولذا فقد كان يرفض بيعها على الدوام منذ أن ظهرت لاوّل مرّة في العام 1838م.
في زمانه تعرّض تيرنر للهجوم والسخرية، إذ أن الجمهور في تلك الأيام كان يطمح في رؤية أعمال فنية واقعية وقريبة جدا من الصور الفوتوغرافية في تعاملها مع الأجسام المادية.
في حين أن تيرنر كان يركّز على اكتشاف التفاعل الوثيق والخلاق بين الضوء والجوّ، وهو ملمح طبع جميع لوحاته.
وبعد أن تغيّر الحال اصبح الناس يقدّرون دور الفنان في ترجمة الأشياء والإحساس الكامن فيها بدلا من الانشغال بالحقائق والمفردات المادية والمجرّدة.
توفّي جوزيف تيرنر في لندن في العام 1851م.

Tuesday, September 13, 2005

لوحـات عالميـة – 46


الفتــى الأزرق
للفنان البريطاني توماس غينسبورو، 1770

يُعتبر توماس غينسبورو أشهر من رسم البورتريه من الفنانين الانجليز. وأحد أشهر بورتريهاته هو الفتى الأزرق الذي استنسخ مرّات لا تُحصى.
في هذا البورتريه الكلاسيكي يحاول غينسبورو محاكاة أسلوب الرسّام الهولندي انتوني فان دايك الذي اشتهر بلوحاته الني يصوّر فيها ملابس الفرسان التي كانت شائعة في القرن السابع عشر.
كان غينسبورو معجبا كثيرا بـ فان دايك الذي كان قد أقام في بريطانيا فترة. ويبدو انه رسم "الفتى الأزرق" بوحي من إعجابه ووفائه للرسّام الهولندي.
كان أسلوب فان دايك في رسم البورتريه يبرز أناقة وثراء الشخصيات التي يصوّرها وكان يبالغ في ارتفاع الشكل وتطويل الأيدي لإبراز الأناقة والمنزلة الرفيعة. كما كان يصوّر شخصّياته بملابس ثمينة وزاهية الألوان.
واللوحة تصوّر جوناثان بوتال وهو ابن تاجر خردوات ناجح كان صديقا لـ غينسبورو.
وقد ألبس الرسّام الشاب ثيابا تعود إلى ما قبل 140 عاما من ذلك التاريخ. ويظهر جوناثان في اللوحة وهو يرتدي ثوبا من الساتان الأزرق المطرّز ويمسك بقبّعة سوداء ويقف أمام منظر طبيعة ريفية.
ملامح الشابّ ونظراته وطريقة وقوفه تعطي انطباعا بالجسارة والثقة بالنفس. كما أن استطالة وجهه تذكّر بتماثيل عصر النهضة.
وشأن بقيّة لوحاته الأخرى، رسم غينسبورو الشابّ اعتمادا على ملاحظاته الخاصّة عن طبيعة الشخصية ومزاجها أكثر مما كان يعتمد على قواعد الرسم الأكاديمي المتعارف عليها.
ورسوماته إجمالا تتسم بالإثارة والشاعرية. كما أنها لا تخلو من الأناقة والتلقائية والدفء الإنساني. وفي بعضها يظهر تأثّره إلى حدّ ما بأسلوب روبنز.
ولد توماس غينسبورو لعائلة متواضعة وكان اصغر إخوته التسعة. ومنذ بداياته، كان شغوفا برسم الطبيعة فصوّر الغابات والمراعي وحياة الريف.
ومناظره الطبيعية تتميّز بطابعها التأمّلي وبتلك المسحة من الحزن الشاعري الذي تعمّقه طريقته المتفرّدة في تمثيل الضوء الخافت.
وقد عُرف عن غينسبورو انجذابه القويّ للموسيقى. وعندما سافر إلى ايطاليا حرص على الالتقاء بالموسيقي النمساوي موزارت حيث ربطتهما في ما بعد صداقة وثيقة.
وفي زمانه كان غينسبورو، مع زميله جوشوا رينولدز، أفضل رسّامَين في انجلترا. غير انه كان الرسّام المفضّل عند أفراد الطبقة الارستقراطية. وبفضل تعاملهم معه وقربه منهم أصبح شخصا ثريّا وذا مكانة اجتماعية مرموقة.
ومن أشهر لوحاته الأخرى بورتريه إليزابيث شيريدان التي كانت موسيقية موهوبة وأحد رموز الارستقراطية الانجليزية آنذاك.
في أحد الأوقات كانت "الفتى الأزرق" اللوحة الأكثر شعبية في الولايات المتحدة.
وقد حدث هذا بعد أن اشتراها ثريّ أمريكي في عشرينات القرن الماضي مع لوحة توماس لورنس المشهورة بورتريه سارة مولتون أو الفتاة الزهرية.
ومنذ ذلك الوقت واللوحتان تُعرضان جنبا إلى جنب في متحف هنتنغتون الأمريكي.
ويقال إن إقبال الناس على شراء نسخ من اللوحتين كان ظاهرة نادرة الحدوث.
ولأن العنصر المشترك بين العملين هو طبيعة اللباس الذي ترتديه الشخصيّتان، فقد كان لذلك تأثير قويّ على لون اللباس الذي يفضّله الأمريكيون، لدرجة أن الأزرق أصبح اللون المفضّل للأولاد والزهري اللون الذي تفضّله الفتيات.
رسم الفنان توماس غينسبورو على امتداد سنوات حياته الستّين حوالي 500 لوحة: 300 منها تتناول مواضيع الطبيعة و 200 عبارة عن بورتريهات لأشخاص.

Monday, September 12, 2005

لوحـات عالميـة – 45


الغجـريّـة النـائمـة
للفنان الفرنسي هنـري روسّـو، 1897

ولد هنري روسو في العام 1844 بفرنسا لعائلة فقيرة، وعندما صقل موهبته الفنية بدأ في بيع لوحاته ليعيل أسرته.
كان الفنان يتردّد كلما توفّر له الوقت على حديقة الحيوان بحثا عن مواضيع لرسوماته.
بعض الحيوانات في الحديقة كان منظرها يدخل الخوف في قلبه، وقد الزم نفسه مرارا بعدم الذهاب إلى هناك، لكنه كان يعود إلى الحديقة من جديد ليرسم الحيوانات.
"الغجرية النائمة" هي اشهر لوحات روسو وأكثرها مبيعا وهي مثال ممتاز على طبيعة أعمال هذا الفنان.
فهي تصوّر غجرية نائمة في صحراء والى جوارها أسد فضولي يحاول، بحذر، الاقتراب منها.
ربّما يكون الأسد من نسج أحلام المرأة، إذ الظاهر أنها تنظر إليه باعتباره مجرد فانتازيا اكثر من كونه يشكّل خطرا.
في هذه اللوحة لمسة طفولية واضحة لان الفنان استخدم فيها خطوطا غير واقعية، وقد عمد إلى تغميق بشرة الغجرية والأسد لابراز التباين المطلوب مع الخلفية البيضاء. كما ترك مساحات فارغة حول الشخصيات الرئيسية لكي يجذب انتباه الناظر إلى وسط اللوحة.
روسو ينتمي إلى الرمزية – ما بعد الانطباعية – والتي لا تهتم بالعالم المنظور والمظاهر السطحية بل تركّز على عالم الفانتازيا الداخلي.
وكان منجذبا إلى رسم مناظر الغابات والحيوانات المثيرة للاهتمام كالأسد والنمر، مع ميله إلى رسم الطبيعة وتأمّل جمالها.
وبالإضافة إلى تركيزه على استخدام الخطوط المستقيمة، كان روسو يميل إلى استخدام ألوان الباستيل في رسوماته الفانتازية، ولعلّ هذا هو ما يفسّر إعجاب الأطفال برسوماته.

Sunday, September 11, 2005

لوحـات عالميـة – 44


القـوط الأمـريكيـون
للفنان الأمريكي غـرانـت وود، 1930

عندما ظهرت هذه اللوحة لاول مرة أثارت جدلا كبيرا في أوساط الفن، إذ اعتبرها بعضهم كاريكاتيرا مهينا بحق سكان الريف البسطاء.
لكن لوحة "القوط الأمريكيون" اكتسبت القبول والاعتراف شيئا فشيئا إلى أن أصبحت في فترة وجيزة اكثر اللوحات الفنية شعبية ورواجا في الولايات المتحدة.
كان الفنان غرانت وود يتبنى واقعية القرن الخامس عشر في الفن الأوربي، وقد استمد الفنان موضوع لوحته من بيئة موطنه في ولاية ايوا بالغرب الأوسط الأمريكي.
لوحة "القوط الأمريكيون" تصوّر مزارعا وابنته العانس وهما واقفان أمام منزلهما ذي الملامح المعمارية القوطية، ومن هنا أخذت اللوحة عنوانها.
وفي الواقع فان "الموديلين" اللذين استخدمهما الفنان في رسم اللوحة هما أخت الفنان نفسه وطبيب أسنان العائلة.
وقد اتهم الفنان وود بإنتاج هذه اللوحة من اجل السخرية من التعصب والصرامة اللتين تتسم بهما الطبيعة المنعزلة لسكان الريف الأمريكي.
واصبحت اللوحة مثارا للكثير من الآراء المتناقضة. فبعض النقاد قالوا إنها تشكل احتفالا بالقيم الأمريكية الاصيلة، والبعض الآخر ذهب إلى أن اللوحة تمثل نقدا ساخرا لتلك القيم.
قد يكون الرجل الواقف في اللوحة ممسكا بمقشّة مزارعا، وقد يكون واعظا، وهو هنا – وبدافع الغيرة – يحرس ابنته من عيون الرجال المتطفلين.
الطراز القوطي للمنزل والنظرات الوقورة للرجل والملامح الحادة للمرأة كلها ثيمات قد ترجح احتمال أن يكون الفنان أراد فعلا السخرية من القيم الموغلة في المحافظة والتشدد الذي كان سائدا في بيئته خلال ثلاثينات القرن الماضي.
ومنذ العام 1930 وحتى اليوم، ظلت "القوط الأمريكيون" من مقتنيات معهد شيكاغو للفن المعاصر، وتعتبر اللوحة واسطة عقد الأعمال الفنية الممتازة التي تضمها مجموعة المعهد.
واللوحة برأي الكثير من النقاد تعتبر إحدى اشهر عشر لوحات في تاريخ الفن العالمي كله.
أما المرأة العانس فينظر إليها على أنها إحدى اشهر ثلاث شخصيات أنثوية خلدهن فن التصوير، أما الشخصيتان الأخريان فهما موناليزا دافنشي ووالدة الفنان جيمس ويسلر.

موضوع ذو صلة: عندما تتحوّل الصورة إلى أيقونة